News Ticker

أتارب.. بلدة أشباح يتوسطها "شارع الموت"





بعد أشهر من القتال، تخلى أخيرا جنود النظام السوري، عن مفترق طرق استراتيجي، وغادروا تاركين وراءهم بلدة أشباح مزقها الرصاص، تمخرها دوريات مقاتلي المعارضة وحفنة من السكان المصدومين.
وأعاد مقاتلو المعارضة تسمية امتداد طريق باب الهوى السريع، الذي يمر عبر وسط بلدة أتارب، إلى "شارع الموت،" وحتى وقت قريب، قالوا إن كل من يتجرأ على وضع قدمه في الشارع، فإنه سيصبح هدفا.
وفي إحدى زوايا البلدة، مقبرة مصغرة لناقلات جنود ومدرعات محترقة بجوار مبنى البلدية الرئيسي، الذي كان بمثابة قاعدة لجنود الحكومة.
وبعد عدة أسابيع من سطيرة مقاتلي المعارضة على البلدة، ما تزال جدران المباني تحمل شعارات ورسومات الموالين لنظام الأسد، والتي حوت كتابات مخيفة، مثل: "إما بشار أو سنحرق المدينة،" و "بشار أو لا شيء."
وقال أحد المقاتلين، ويدعى عبدالله بحري، الذي كان يعالج في مستشفى بتركيا بعد أن فقد عينه اليسرى جراء شظي خلال معركة في مايو/أيار الماضي: "هذه كانت منطقة راقية جدا.. كان الأتراك يأتون لرؤية بلدتنا."
وأضاف بحري: "الآن تحولت جميعها إلى جحيم،" مشيرا إلى شوارع البلدة مهجورة.
ويقول سكان محليون انهم كانوا يسافرون من المناطق الريفية المحيطة للتسوق في بلدة أتارب، فهي تقع على طريق باب الهوى السريع، في منتصف الطريق تقريبا بين الحدود التركية، وعاصمة سوريا التجارية حلب، على نحو 32 كيلومترا فقط.
ورغم أن مقاتلي المعارضة يسيطرون فيما يبدو على أتارب، إلا أن القتال في المناطق الريفية المحيطة بها لا يزال بعيدا عن نهايته.
ويقول مقاتلو المعارضة إن قائد لوائهم في المنطقة أحمد الفج، قتل يوم الجمعة الماضي إلى جانب ما لا يقل عن 11 من مقاتليه، خلال الهجوم الفاشل على مدرسة قريبة للشرطة يسيطر عليها جنود النظام.
وبعد ثلاثة أيام، قال مقاتلو المعارضة إنهم ما زالوا ينتظرون أن يفرج المستشفى الحكومي عن جثة الفج، كي يتمكنوا من دفنها بصورة لائقة.
ويقول سكان ومقاتلون في البلدة إنها لا يزال تتعرض للقصف اليومي من مدفعية تابعة لقوات النظام في مكان قريب.
وقال أحد السكان ويدعى عبد السيد، والذي دمر مطعم يملكه بسبب القتال: "هناك قاعدة عسكرية تبعد حوالي 6 كيلومترات، وتمطرنا بقذائف المدفعية كل يوم."
ولا ينعم سكان أتارب منذ أشهر بخدمات الكهرباء أو المياه، وتركز الكثير من الضرر في البلدة حول مبنى البلدية الرئيسي، الذي حوله جنود الحكومة إلى ثكنة عسكرية.
وعمد الجنود إلى تحصين أسطح المبنى واتخذ القناصة مواقعهم فيه، واستخدموها بشكل واضح لإطلاق الرصاص على المنطقة المحيطة، إذ بدت ثقوب الرصاص واضحة في المباني المجاورة.
وكتب الجنود أيضا على الجدران بفخر: "نحن رجال وحدة العمليات الخاصة،" وفي أحد المداخل، بنوا موقدا للطبخ، وتركوا وراءهم أسياخ من حديد كانت تستخدم للشواء.
ويروي سكان قصص مرعبة، ويقولون إن أبطالها هم من أفراد قوات النظام، إذ تصف سيدة مسنة تدعى أم عبدالعظيم، وهي تنتحب، كيف اعتقلت قوات النظام، وعذبت ابنها قصي، ذي الـ24 عاما، ثم قتلته.
وأضافت: "كان ابني معاقا.. لكنهم جعلوا محراثا يدهس ساقيه.. ثم قتلوه وألقوا به في الشارع،" مشيرة الى رأسها وصدرها وذراعها وفخذها، وهي الأماكن التي تقول إن قصي تلقى فيها الرصاص.
وقالت أم عبدالعظيم إن الجنود عاقبوا أسرتها على توفير الغذاء والمأوى للمقاتلين المناهضين للحكومة، وأضافت في إشارة الى بشار الأسد، قائلة: "آمل أن تفقده والدته.. أتمنى أن يفقد أبناءه."
ومع انسحاب قوات الحكومة، يملأ مقاتلو المعارضة الآن الفراغ الأمني.
وخلال زيارة قصيرة لفريق CNN، سمعت أعيرة نارية فجأة عندما هرب سجين لفترة وجيزة من مجموعة من المقاتلين، وأخذ يصرخ وهو يجر إلى سيارة بك أب: "لا تقتلني، مشان الله.. أرجوك لا تقتلني.. مشان الله.. اعفي عني."
وفي وقت لاحق، قال مقاتلوا المعارضة ان الرجل كان أحد اللصوص، وسوف يمثل أمام مجلس قانوني محلي تولى مسؤوليات الأمن في المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة.
    
ولم يعرف فريق الصحفيين التابع لشبكة CNN ما حدث في نهاية المطاف للسجين المزعوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أيجبت تايم نيوز

إلى الأعلى