News Ticker

ضبط 17 قطعة أثرية في عمليات تنقيب عن الآثار بصعيد مصروقتل 11موطنا







أعادت واقعة مصرع مواطن انهار عليه جدار منزله خلال قيامه بالتنقيب عن الآثار قرب معبد الكرنك في مدينة الأقصر أمس، ومن قبلها مقتل عشرة أشخاص خلال قيامهم بحفر بئر للتنقيب عن الآثار في قرية المناصرة بمركز نجع حمادي شمال محافظة قنا، وضبط مباحث شرطة السياحة والآثار بجنوب الصعيد 17 قطعة أثرية خلال إحباطها لثلاث محاولات للحفر والتنقيب عن الآثار بمدن الأقصر وأسوان، إلى الواجهة مجددا الحديث عن أعمال الحفر والتنقيب السري عن الآثار في صعيد مصر وانتشار مدارس التنقيب عن الآثار بمعرفة مغاربة وأفارقة ومصريين.
الظاهرة ساهمت في حصد الكثير من أرواح المصريين الذين سقطوا مابين قتلى خلال عمليات الحفر والتنقيب ومابين ضحايا لمحاولات فك ما يسمى بالرصد الفرعوني عبر تقديم قرابين ودماء بشرية له. كما حدث في مدينة أرمنت جنوب الأقصر حين راح شاب ضحية لمثل تلك الأعمال التي يسعى القائمون بها للوصول إلى الكنوز الفرعونية. وكذلك حادثة اختطاف الطفل محمود محمد عباس لتقديمه كقربان للكشف عن كنز فرعوني بقرية العشى شمال الأقصر، ونجاته من موت محقق بعد إنزاله بالحبال داخل بئر لتقديمه قربانا لما يسمى بالرصد والذي يعتقد المشعوذون في قيامه بحراسة أحد الكنوز الأثرية.
حيث ينشط المشعوذون في القرى والنجوع المتاخمة للمناطق الأثرية بحثا عن الآثار والذين يطلبون أحيانا قرابين آدمية للرصد "حارس الكنز"، ويبثون في تلك الأوساط أنه جني يرفض اقتراب أحد من كنزه الذي يحرسه ربما منذ أكثر ثلاثة آلاف عام وهي أقصى عمر للرصد كما تشيع الحكايات الشعبية. الحديث عن ظاهرة التنقيب السري عن الآثار وفك الرصد الفرعوني وأوهام استخراج الكنوز الأثرية في مصر وهى الظاهرة التي ما أن تختفي حتى تعود لتطل برأسها من جديد.
وبحسب تقديرات مراقبين فقد حصدت تلك الظاهرة المثيرة للجدل أرواح عشرات المصريين خلال عمليات التنقيب غير الشرعية عن الآثار في السنوات الماضية، وينفق المصريون الباحثون عن الثراء السريع واللاهثين وراء أوهام العرافين والدجالين مئات الآلاف من الجنيهات أملا في العثور على قصور من رمال لا توجد إلا في خيالهم وخيال من يستغلون هوسهم بالكنوز وكل ما هو فرعوني، ويستعين المصريون الباحثون عن الكنوز بالمشعوذين السودانيين والمغاربة والمصريين أيضا الذين يطلق عليهم المشايخ حيث يتفنن هؤلاء المشايخ في ابتزاز المصريين الذين يعتقدون في وجود كنوز أثرية أسفل مساكنهم فيطلبون منهم مبالغ طائلة مقابل إتمام عملية الرصد أو الحارس المسحور واستخراج الكنز المزعوم.
والرصد الفرعوني بحسب المعتقدات والموروثات الشعبية المصرية – وبحسب دراسة لمركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية - هو جان يتم الإتيان به عن طريق السحر ليشرب من دم طير أو حيوان ويتشكل بعد ذلك على صورته، ويعيش الرصد أو هذا الجني ما بين ألف إلى 3 آلاف عام، أما الأثريون وعلماء المصريات فينفون تماما وجود ما يسمى بالرصد أو حتى لعنة الفراعنة.
التنقيب عن الكنوز في القرى المصرية بالصعيد، عادة قديمة تشتد مع الفقر والعوز في الأوساط غير المتعلمة، و كلمة "رصد" هي مفرد "أرصاد" ومعروفة منذ عهد الفراعنة وتوجد رموز لها في الكتابات المصرية القديمة، وقد كتب عنها أيضا كبار علماء الفلك. والمصريون القدماء عرفوا بوجود الأرصاد "حراس الجن" وأنهم لذلك كانوا يدفنون الذهب في المقابر بجانب الجثث لأن سلطة الرصد لا تمتد للمقابر، وبالتالي أمكن الكشف بسهولة عن الآثار المصرية القديمة، ومنها مقبرة توت عنخ آمون الشهيرة بذهبها، والتي اكتشفها عالم الآثار "كارتر" عام 1922 م و الرصد أو "حارس الجن" – بحسب الدراسة - يسعى دائما وراء الذهب وهو معدن مرتبط بالشمس، بينما الفضة مرتبطة بالقمر، في حين أن كوكب المريخ يرتبط بمعدن الحديد.
ويرى الفلكي المصري العالمي الدكتور سيد علي أن الإنسان لو دفن على سبيل المثال خاتما من الذهب في الأرض، فلن يجد في نفس المكان بعد مرور 24 ساعة لأن الجن سيكون قد رصده وزحزحه من مكانه، وكلما ظل الخاتم مدفونا مدة أكثر من الزمن تزحزح أكثر عن مكانه .
وتنتشر الحكايات في الصعيد حول كنوز الفراعنة التي يحرسها الجان ويحكي الراوي احمد الراوي، عن العجل الضخم الذي يحرس كنزا خلف تمثالي ممنون الشهيرين غرب الأقصر والذي يظهر في الليالي المقمرة والذي حاول الكثيرون قتله أملاً في الفوز بالكنز طوال العقود الماضية دون جدوى.
وهناك أيضاً الحكاية الشهيرة لمقبرة الملك أمنحتب الأول التي تؤكد بعض البرديات الفرعونية وجودها على بعد أمتار من الشرفة الثالثة بمعبد الملكة حتشبسوت وللعام الخامس على التوالي، وكلما توصلت البعثة البولندية التي تبحث عن المقبرة إلى مدخل المقبرة ورؤية شواهد للسلم المؤدي إليها يختفي كل ذلك ويصبح مجرد كتل صخرية.
والتفسير المنتشر في أوساط العامة للواقعة هو وجود حارس عليها يحميها ويخفيها عن الأنظار، وقد عرفت المقابر الفرعونية ما يسمى بنصوص اللعنة حيث يوجد في بعض المقابر نص يقول "كل من يقترب من مقبرتي بسوء فسوف تلدغه العقارب والثعابين وسيلتهمه الحيوان - عاميت " وهو حيوان غريب خرافي الشكل مكون من رأس تمساح وجسد فرس نهر وأرجل أسد.
كما إن كل الكلمات المكتوبة على الآثار الفرعونية بما فيها الهرم الأكبر ووادي الملوك والملكات في الأقصر وحوائط المعابد، عبارة عن طلاسم سحرية، حتى أن هناك اعتقادا بأن الجن ساعد الفراعنة في بناء الأهرامات، فالأحجار موضوعة بطريقة هندسية لا يمكن أن يصل إليها الإنسان في تلك العصور القديمة، إلا أن الفلكي سيد علي لا يرى أصلا من الحقيقة لفك الرصد بالقرابين الآدمية ويؤكد أن "المشعوذين هم الذين ينشرون هذه الخرافات ويصدقهم بعض العامة بسبب الجهل، فلا حقيقة لما يشاع عن أن الرصد يتم صرفه من المكان بتقديم ذبيحة آدمية كقربان له".
والحديث عن الرصد الفرعوني ومحاولات فكه للحصول على كنوز قدماء المصريين لا يخلو من الطرافة حيث ينفق الباحثون عن الثراء السريع واللاهثون وراء أوهام العرافين والدجالين مئات الآلاف من الجنيهات املا في العثور على قصور من رمال لا توجد إلا في خيالهم وخيال من يستغلون هوسهم بالكنوز وكل ما هو فرعوني، ويستعين المصريون الباحثون عن الكنوز بالمشعوذين السودانيين والمغاربة ومن بين ما يطلبه هؤلاء المشعوذين نوع بخور نادر لا يوجد إلا في تونس وبلاد المغرب العربي ويعرف باسم "الطقش المغربي" ويتراوح سعر الجرام الواحد منه ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه.
أسرار مدارس وشيوخ التنقيب عن الآثار..  نجحنا في الوصول لبعض المشايخ والمنقبين واخترقنا جلساتهم وتعرفنا على أسرار عملهم والفرق بين مدرسة وأخرى في مجال التنقيب عن الآثار بصعيد مصر وحصلنا على أسرار جديدة يكشف عنها لأول مرة.
 حيث قال ثلاثة من هؤلاء الشيوخ: إن هناك ثلاث مدارس تعمل في مجال الكشف عن الكنوز الأثرية بصعيد مصر هي المصرية والمغربية والإفريقية وأن أقوى تلك المدارس هي المدرسة المصرية التي يتمركز شيوخها في الأقصر وأسوان والقاهرة تليها المدرسة الإفريقية ثم المدرسة المغربية في المرتبة الثالثة بعد أن كانت تحتل المركز الأول طوال سنوات مضت.
وأن المدرسة المغربية يعتمد شيوخها على الروحانيات. وأن شيوخ المدرسة المصرية يعتمدون على الخبرة بجغرافية المكان والمعلومات التاريخية بجانب الروحانيات، فيما يعتمد شيوخ المدرسة الإفريقية على السحر الأسود، وأن شيوخ المدارس الثلاثة يستعينون بخدام من الجان والعالم السفلى، وأن الخدام نوعان نوع علوي ويكون على طهارة .
ونوع سفلى ويكون على نجاسة والعياذ بالله ولكل نوع من الخدام طريقته في العمل، ولكل منهم طريقة يسخر بها للعمل من قبل الشيخ، وأن الخادم الذي يكون على نجاسة يكون أكثر خطورة على من يعملون في الحفر والتنقيب. كما انه يطلب أشياء محرمة وصعبة من شيخه مقابل أن يرشد عن مكان الكنز، عكس الخادم الذي يكون على طهارة، فمنذ سنوات ذبح طفل غرب الأقصر وخطف آخر شرق المدينة لذبحه وتقديم دمه قربانا لفك رصد فرعوني يحرس كنزا نتيجة الاستعانة بشيخ يستعين بخادم من العالم السفلى، وهناك مدارس وشيوخ يرفضون ذلك ويعتبرونه جريمة لا تغتفر.
ودور الخادم هو فك ما يسمى بالرصد وصرف أي حراس على الكنز، وبعض الكنوز يسخر لها الجان خداما لحراستها، وقال أحد الشيوخ إنه يسخر الجان لمساعدته في الوصول لمكان الكنز وانه يحكى للجان ويتبادل معه الحوار ويجند الجان لخدمته، وأشار إلى أن بعض خدام الجان يكذب ويضلل والبعض يبحث ويدل على مكان الكنز بحق. وقال إن هناك شيوخا يخدعون من يستعينون بهم في عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار، وأن أكثر الشيوخ كذبا وتضليلا هم الأفارقة الذين يتفننون في ابتزاز الباحثين عن الكنوز وأن من يقومون بالتنقيب هم أصحاب المال وكبار المزارعين والتجار والفقراء أيضا.
وحول ظروف عمليات الحفر والتنقيب السري عن الآثار قال أحد الشيوخ إن هناك أناسا يظلون يواصلون عمليات البحث والحفر والتنقيب لسنوات طوال قد تصل إلى أربعين عاما في بعض الحالات دون أن يتمكن من العثور على شيء لكنه يواصل البحث أملا في تعويض ما أنفقه على العمال والشيوخ خلال عمليات الحفر والتنقيب بجانب مخاطر الإبلاغ عنه في أي لحظة خاصة من الجيران.
وكشف شيوخ التنقيب عن الآثار أن أعمال الحفر والتنقيب زادت بشكل كبير بعد ثورة يناير، ومع ازدياد معدلات الحفر والتنقيب زاد الطلب على الشيوخ الذين راج سوقهم في الشهور الماضية.
وأن ندرة وصعوبة العثور على كنوز أثرية جعل البعض يلجأ للنصب ببيع قطع حديثة متقنة الصنع على أنها آثار قديمة وتاريخية، وحول توقيت عمليات الحفر والتنقيب قال الشيوخ الذين التقيناهم -وبالطبع طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم- إن عمليات الحفر والتنقيب السري عن الآثار قرب المناطق الأثرية في صعيد مصر تتم ليلا وداخل المنازل المتاخمة للمناطق الأثرية، وأن تحديد سعر ما يعثر عليه من قطع أثرية خلال عمليات الحفر والتنقيب يتم تحديده بحسب لقيمة التاريخية والعلمية وبحسب الأسرة التي يرجع لها تاريخ القطعة الأثرية.
وأنه كثيرا ما يتم نحت قطع أثرية بإتقان كبير ودفنها في الرمال لتبدوا وكأنها قديمة وبيعها لمن يرغبون في شراء قطع أثرية.
ويقول محمد صالح الباحث في مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية: إن ما يروى عن الرصد الفرعوني واستخدام شيوخ في فكه وما يروى من أسرار المقابر الملكية وقصص الخوارق وحلول لعنة الفراعنة على منتهكي حرمة المقابر، برغم أنها مجرد خزعبلات، جعلت مصر القديمة دولة السحر لكن ذلك لا يمنع أيضا من أن كتب المصريات حوت الكثير من النصوص التي تؤكد أن السحر في مصر القديمة قد استخدم لحماية المخلوقات البشرية، وفي بعض الأحيان لحماية الآلهة وفي أغلب الأحوال كانت استعمالاته دفاعية فحسب، ويقول نص فرعوني قديم "أعطى الرب البشر السحر كسلاح ضد الشدائد وعاديات الدهر".
وقد استعمل المصريون القدماء الطلاسم للأغراض الدفاعية وكانت على هيئة تمائم لحماية الجسم من الأذى ويفسر ذلك ذيوع استخدام «الرقي» في الطب فلكل مرض أعراضه الطبيعية وعلاجه المناسب كما استخدم السحر لتهدئة مخاوف النفس وخلاصة القول -والكلام لمحمد صالح- ان السحر لعب دورا هاما في الحياة اليومية في مصر القديمة وكان دفاعيا بصفة عامة وعدائيا في حالات نادرة.
وتشير الباحثة شيرين النجار إلى استخدام الجان في مصر الفرعونية، كما أشارت إلى وجود كتل حجرية وضعت في مواضع مرتفعة وتزن عشرات الأطنان في وقت لم يكن معروفا فيه المعدات الميكانيكية أو الكهربية أو الرافعات، ولابد من أنهم استخدموا الجن لرفع تلك الكتل الحجرية إلى المواضع المرتفعة الموجودة عليها الآن، واستبعدت بالطبع وجود ما يسمى بالرصد مطالبة العلماء بوضع تفسير علمي ومنطقي للظاهرة.
ومن جانبه قال الدكتور منصور بريك، المدير العام لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، إن ظاهرة الحفر والتنقيب السري عن الآثار سببها سعى الكثيرين للثراء السريع وانتشار الخرافات والأوهام عن تجارة الزئبق الأحمر والكنوز الأثرية.
وهى بمثابة البحث عن سراب مشيرا إلى إن الكنوز والذهب الذي يبحث عنه المهووسون بالثراء السريع لا يوجد إلا داخل المقابر الملكية لملوك الفراعنة وأن عمليات التنقيب السرية تتم بقرى ملاصقة للمناطق الأثرية وليس داخل المناطق الأثرية وأن التنقيب السري داخل المناطق الأثرية في الأقصر أمر من المستحيلات نظرا لوجود أسوار وحراسات مشددة على كافة المناطق الأثرية على مدار الأربع والعشرين ساعة.
وأضاف أنه لم يثبت اكتشاف أية آثار ذات قيمة من قبل مثل هؤلاء الباحثين عن وهم الثراء وانه لو فرض وتمكنوا من العثور على شيء فان القانون يجرم الاتجار في الآثار وينتظر مثل هؤلاء أحكام رادعة في حال ضبط أي قطع أثرية بحوزتهم.
وأوضح المدير العام لآثار الأقصر ومصر العليا أن ما يتم من اتجار في قطع أثرية حاليا لا حقيقة له وان ما يتم تداوله هي قطع حديثة برع الكثيرون في نحتها بقرى الأقصر الغنية بالفنانين الفطريين الذين يقلدون أجدادهم الفراعنة بمهارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أيجبت تايم نيوز

إلى الأعلى